فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَقَدْ اسْتَوْعَبْنَا الْقَوْلَ فِيهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لابد فِيهَا مِنْ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ، فَوَجَبَتْ فِيهَا الطَّهَارَةُ، كَسُجُودِ الصَّلَاةِ.
وَكَذَلِكَ التَّكْبِيرُ مِثْلُهُ؛ فَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَثَرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَكَذَلِكَ إذَا رَفَعَ كَبَّرَ» وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا هَلْ فِيهَا تَحْلِيلٌ بِالسَّلَامِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِيهَا تَحْلِيلًا بِالسَّلَامِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَهَا تَكْبِيرٌ، فَكَانَ فِيهَا سَلَامٌ، كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا فِعْلٌ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ قَوْلٌ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي صَلَاتِهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا؛ فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهَا تُصَلَّى فِيهَا؛ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
الثَّانِيَةُ: لَا تُصَلَّى؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
مُتَعَلَّقُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عُمُومُ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ، وَمُتَعَلَّقُ الْقَوْلِ الثَّانِي عُمُومُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَوَاتِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالسُّجُودِ عَامٌّ فِي الْأَوْقَاتِ، وَالنَّهْيَ خَاصٌّ فِي الْأَوْقَاتِ، وَالْخَاصُّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ؛ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: سَجْدَةُ الْحَجِّ الثَّانِيَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ وَغَيْرُهُمَا: هِيَ عَزِيمَةٌ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: إنَّهَا لَيْسَتْ سُجُودَ عَزِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ رُكُوعِ الصَّلَاةِ وَسُجُودِهَا؛ وَدَلِيلُنَا أَنَّ عُمَرَ سَجَدَ فِيهَا وَهُوَ يَفْهَمُ الْأَمْرَ أَقْعَدَ، وَبَيْنَ قَوْمٍ كَانُوا أَفْهَمَ وَأَسَدَّ؛ فَبِهِمْ فَاقْتَدِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْجَدُ فِي النَّمْلِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَمَا يُعْلِنُونَ} عِنْدَ تَمَامِ الْآيَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُسْجَدُ عِنْدَ قَوْلِهِ: {الْعَلِيمُ}.
الَّذِي فِيهِ تَمَامُ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَقْوَى.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: سَجْدَةُ ص: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَجْدَةُ شُكْرٍ، وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «سَجْدَةُ ص لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَهَا».
وَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ عَزِيمَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ لَهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ}، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ص، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ وَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا» الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: السُّجُودُ فِيهَا عِنْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} لِأَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ، وَمَوْضِعُ الْخُضُوعِ وَالْإِنَابَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَحُسْنَ مَآبٍ} لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ التَّوْبَةِ وَحُسْنِ الْمَآبَةِ.
وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ؛ رَجَاءَ الِاهْتِدَاءِ فِي الِاقْتِدَاءِ وَالْمَغْفِرَةِ عِنْدَ الِامْتِثَالِ، كَمَا غُفِرَ لِمَنْ سَبَقَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: السُّجُودُ فِي فُصِّلَتْ: عِنْدَ قَوْلِهِ: {إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} لِأَنَّهُ انْتِهَاءُ الْأَمْرِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ امْتِثَالِ مَنْ أُمِرَ عِنْدَ ذِكْرِ مَنْ اسْتَكْبَرَ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْهُمْ.
وَالْأَوَّلُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَمْتَثِلُ الْأَمْرَ وَيَخْرُجُ عَمَّنْ اسْتَكْبَرَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أَمَّا سَجْدَةُ النَّجْمِ: فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَرَأَ وَالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا».
وَالصَّحِيحُ مَا رَوَى الْعُلَمَاءُ الْأَئِمَّةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ وَالنَّجْمِ، فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ، فَرَفَعَهُ إلَى وَجْهِهِ، وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْته بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا»
.
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ»، فَكَيْفَ يَتَأَخَّرُ أَحَدٌ عَنْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ «أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَرَأَ لَهُمْ: {إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا وَفِي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك}».
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إلَى الْمَدِينَةِ».
قُلْنَا: هَذَا خَبَرٌ لَمْ يَصِحَّ إسْنَادُهُ، وَلَوْ صَحَّ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ قَرَأَهُ وَلَمْ يَسْجُدْ فِيهِ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْرَأْ بِهِ فِي صَلَاةِ جَمَاعَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: {الم تَنْزِيلُ} السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ». اهـ.

.قال السمرقندي:

قوله تعالى: {إِنَّ الذين عِندَ رَبّكَ} يعني الملائكة {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} وذلك أن كفار مكة {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسجدوا للرحمن قَالُواْ وَمَا الرحمن أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] واستكبروا عن السجود فنزل {إِنَّ الذين عِندَ رَبّكَ} يعني: الملائكة لا يستكبرون عن عبادته يعني: لا يتعظمون ولا يستنكفون عن طاعته {وَيُسَبّحُونَهُ} يقول: ويذكرونه {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} يعني: يصلون.
وقال أهل اللغة: الآصال جمع الأُصل والأُصُل جمع الأَصِيل والآصال جمع الجمع يعني: العشيات والله أعلم بالصواب. اهـ.

.قال الثعلبي:

{إِنَّ الذين عِندَ رَبِّكَ} يعني الملائكة والمراد هو عند قربهم من الفضل والرحمة لا من حيث المكان والمعاقبة.
وقال الحسين بن الفضل: قد يعبد الله غير الملائكة في المعنى من عند ربّك جاءهم التوفيق والعصمة {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} لا يتكبرون ولا يتعظمون {عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ} وينزهونه ويذكرونه ويقولون سبحان الله: {وَلَهُ يَسْجُدُونَ} يُصلّون.
مغيرة عن إبراهيم: إن شاء ركع وإن شاء سجد. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله: {الذين} يريد الملائكة، وقوله: {عند} إنما يريد في المنزلة والتشريف والقرب في المكانة لا في المكان، فهم بذلك عنده، ثم وصف تعالى حالهم من تواضعهم وإدمانهم للعبادة والتسبيح والسجود، وفي الحديث: «أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد» وهذا موضع سجدة، قال النخعي في كتاب النقاش: إن شئت ركعت وإن شئت سجدت. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {إن الذين عند ربك} يعني الملائكة {لا يستكبرون} أي: لا يتكبَّرون ويتعظَّمون {عن عبادته} وفي هذه العبادة قولان:
أحدهما: الطاعة.
والثاني: الصلاة والخضوع فيها.
وفي قوله: {ويسبحونه} قولان:
أحدهما: ينزِّهونه عن السوء.
والثاني: يقولون سبحان الله.
قوله تعالى: {وله يسجدون} أي: يصلّون.
وقيل: سبب نزول هذه الآية أن كفار مكة قالوا: أنسجد لما تأمُرنا؟ فنزلت هذه الآية، تخبر أن الملائكة، وهم أكبر شأنًا منكم، لا يتكبَّرون عن عبادة الله.
وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويله، أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرتُ بالسجود فعصيت فلي النار». اهـ.

.قال القرطبي:

{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}.
فيه ثمان مسائل:
الأُولى قوله تعالى: {إِنَّ الذين عِندَ رَبِّكَ} يعني الملائكة بإجماع.
وقال: {عِنْدَ رَبِّكَ} والله تعالى بكل مكان لأنهم قريبون من رحمته، وكل قريب من رحمة الله عز وجل فهو عنده؛ عن الزجاج.
وقال غيره: لأنهم في موضع لا ينفذ فيه إلا حكم الله.
وقيل: لأنهم رُسُل الله؛ كما يقال: عند الخليفة جيش كثير.
وقيل: هذا على جهة التشريف لهم، وأنهم بالمكان المكرم؛ فهو عبارة عن قربهم في الكرامة لا في المسافة.
{وَيُسَبِّحُونَهُ} أي ويعظمونه وينزهونه عن كل سوء.
{وَلَهُ يَسْجُدُونَ} قيل: يصلون.
وقيل: يَذِلّون، خلاف أهل المعاصي.
الثانية والجمهور من العلماء في أن هذا موضعُ سجود للقارىء.
وقد اختلفوا في عدد سجود القرآن؛ فأقصى ما قيل: خمس عشرة.
أوّلها خاتمة الأعراف، وآخرها خاتمة العَلَق.
وهو قول ابن حبيب وابن وهب في رواية وإسحاق.
ومن العلماء من زاد سجدة الحِجْر قوله تعالى: {وَكُنْ مِّنَ الساجدين} [الحجر: 98] على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
فعلى هذا تكون ست عشرة.
وقيل: أربع عشرة؛ قاله ابن وهب في الرواية الأُخرى عنه.
فأسقط ثانية الحج.
وهو قول أصحاب الرأي، والصحيح سقوطها؛ لأن الحديث لم يصح بثبوتها.
ورواه ابن ماجه وأبو داود في سننهما عن عبد الله بن مُنين من بني عبد كُلال عن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن؛ منها ثلاث في المفصّل، وفي الحج سجدتان.
وعبد الله بن مُنين لا يحتج به؛ قاله أبو محمد عبد الحق.
وذكر أبو داود أيضًا من حديث عقبة بن عامر قال قلت: يا رسول الله، أفي سورة الحج سجدتان؟. قال: «نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما» في إسناده عبد الله بن لَهِيعة، وهو ضعيف جدًّا.
وأثبتهما الشافعيّ وأسقط سجدة ص.
وقيل: إحدى عشرة سجدة، وأسقط آخرة الحج وثلاث المفصل.
وهو مشهور مذهب مالك.
وروي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما.
وفي سنن ابن ماجه عن أبي الدرداء قال: سجدت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء، الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وص وسجدة الحواميم.
وقيل: عشر، وأسقط آخرة الحج وص وثلاث المفصل؛ ذُكر عن ابن عباس.
وقيل: إنها أربع، سجدة آلام تنزيل وحم تنزيل والنجم والعلق.
وسبب الخلاف اختلاف النقل في الأحاديث والعمل، واختلافهم في الأمر المجرّد بالسجود في القرآن، هل المراد به سجود التلاوة أو سجود الفرض في الصلاة؟
الثالثة واختلفوا في وجوب سجود التلاوة؛ فقال مالك والشافعيّ: ليس بواجب.
وقال أبو حنيفة: هو واجب.
وتعلّق بأن مطلق الأمر بالسجود على الوجوب، وبقوله عليه السلام: «إذا قرأ ابن آدم سجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا وَيْلَه» وفي رواية أبي كُرَيب «يا ويلِي»، وبقوله عليه السلام إخبارًا عن إبليس لعنه الله: «أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» أخرجه مسلم.